عيون الجزيرة الاخبارية

أخبار الكويت | قصور تشريعي في تجريم الانضمام لـ «الجماعات الإرهابية» | عيون الجزيرة الكويت

هذا الخبر يأتيكم برعاية موقع عيون الجزيرة الاخباري ويتمنى لكم قضاء وقت ممتع في قراة هذا الخبر في حُكم قضائي بارز يكشف وجود قصور بالتشريعات الكويتية في تجريم الانضمام إلى الجماعات المحظورة، أكدت محكمة الجنايات، برئاسة المستشار محمد الصانع، وعضوية القاضيين حمود الشامي وعبدالله المقهوي، أن التشريعات الكويتية لم تجرِّم الاتصال غير المشروع بالتنظيمات المحظورة، وأن مبادئ الحرية الفردية كفلت للإنسان أن يحدِّث نفسه بما يشاء، فلا سلطان للقانون على تفكير الناس. وقالت المحكمة، في حيثيات حُكمها، الذي انتهى إلى تبرئة 3 وافدين تونسيين من تهم الانضمام إلى تنظيم داعش المحظور، والتخطيط لارتكاب عمليات داخل البلاد، إن «السائد في التشريع والفقه هو عدم العقاب على مرحلة التفكير في الجريمة والتأمل فيها، لأن النية مادامت في حيِّز النَّفس ولم تخرج إلى العالم الخارجي، فلا ضرر منها، ولا خطر فيها، ثم إن مبادئ الحرية الفردية كفلت للإنسان أن يحدِّث نفسه بما شاء، وأن يفكِّر كما يشاء، فلا سلطان للقانون على تفكير الناس».

أكدت محكمة التمييز، في حيثيات حُكمها البارز بتبرئة 3 وافدين تونسيين من تهم الانضمام إلى تنظيم داعش المحظور والتخطيط لارتكاب عمليات داخل البلاد، أن المقرر في التشريعات الجنائية، والسائد فقهاً، أن الجريمة تبدأ بفكرة تختلج في نفس صاحبها، وتدعوه إلى التفكير والتأمل فيها، وترديد الأمر بين الإقدام على ارتكابها، أو نبذها والإحجام عنها، فإذا استقر رأيه على ارتكابها، وعقد العزم عليها، فإنه يكون قد أنهى هذه المرحلة بالتصميم النهائي، وفي كل ذلك تظل فكرة الجريمة حبيسة في العالم الداخلي للنفس لم تبرز بعد إلى العالم الخارجي، والتفكير والتصميم على ارتكاب الجريمة يُوحيان وجود نية إجرامية، لكنها خلجات نفس لم تبرز بعد إلى العالم الخارجي، وليس من مصلحة عاجلة في تعقّبها وقمعها.

وأضافت: «السائد في التشريع والفقه هو عدم العقاب على هذه المرحلة، لأن النية مادامت في حيِّز النَّفس ولم تخرج إلى العالم الخارجي، فلا ضرر منها، ولا خطر فيها، ثم إن مبادئ الحُرية الفردية كفلت للإنسان أن يحدِّث نفسه بما شاء، وأن يفكِّر كما يشاء، فلا سلطان للقانون على تفكير الناس، وهو لا يستطيع أن يتدخل في هذه المرحلة بالعقاب، لأن التفكير والتصميم مما يصعب إثباتهما والتأكد من وجودهما، فذلك من الأمور النفسية الداخلية التي قد يستحيل على المشرِّع التحقق منها والوقوف عليها».

المحكمة اعتبرت أن متابعة مواقع التنظيم المحظور وترديد أناشيده لا يُعدان اشتراكاً فيه

وقالت المحكمة إنه من الأفضل عدم العقاب، حتى لو أقر الشخص بهذه النية، وكانت ثابتة لديه، لأنه من الحكمة أن يُترك باب العدول مفتوحاً أمامه، لتشجيعه على التراجع عن ارتكابه الجريمة، خصوصاً أن طريقها لا يزال ممتداً، والمسافة بعيدة بين انتواء الجريمة وتنفيذها، فيكون من حُسن السياسة التشريعية إذن التروي في توقيع العقاب، فما أكثر الأشخاص الذين ينتوون الجرائم، ويعدلون عنها بعد ذلك، لكن لا يخفى أن العزم على ارتكاب الجريمة يبقى خطيئة أخلاقية تستأهل التأنيب، ولوم الضمير دون تدخل من القانون الجنائي.

ولفتت إلى أن القصد الجنائي في جريمة الاتفاق يتحقق بتوافر علم الجاني بموضوع الاتفاق، واقترانه بالرضا الجدي بالدخول فيه، ومتى توافرت العناصر الثلاثة، السالفة الذكر، تحققت جريمة الاتفاق الجنائي حتى لو لم تقع الجريمة المتفق على ارتكابها.

تفسير القوانين

وقالت «الجنايات» إن الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية، والتزام جانب الدقة في ذلك، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وإنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها، فإنه يجب أن تُعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع، ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك. كما أنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه.

وتابعت: «بمطالعة، وتفحص التحقيقات وكل الأوراق، فإن البين للمحكمة خلوها من أي دليل يثبت بصورة يقينية جازمة اشتراك المتهمين في تنظيم داعش- المسمى سابقاً الدولة الإسلامية في العراق والشام، ورغم علمهم بالغرض الذي يعمل له هذا التنظيم، فإن ذلك لا يكفي لقيام جريمة الاشتراك في هيئة محظورة محل التهمة الثانية المسندة إلى المتهمين طالما لم يثبت بالأوراق انتساب أي منهم يقيناً إلى هذا التنظيم، وتلاقي نيتهم وبيعاتهم بشكل متضامن جازم مع تلك الجماعة الإرهابية المحظورة، وطالما خلا ملف الدعوى والتحقيقات مما يؤكد أو يشير إلى إسناد مهمة لأي منهم - ولئن لم ينتسبوا - شريطة أن تكون بناءً على تكليف مباشر من التنظيم، وهو ما لا يقوم بمجرَّد تواصل المتهم الأول وحيداً بامرأة لم تستدل التحريات على بیاناتها، ونشاطها بشكل واضح وجاد، ادعى هذا المتهم أنها محض مناصرة لفكر وأهداف التنظيم، ولم يزعم أنها مَنْ تولَّت تسبيره في نشاطه المشؤوم الذي أقر به في البلاد، أو أنها من وجهته إليه، وخططت له».

أكدت أن الحرية الفردية كفلت للإنسان أن يحدِّث نفسه بما يشاء فلا سلطان للقانون على تفكير الناس

وأشارت إلى أن هذه الجريمة لا تقوم بمجرَّد اجتماع المتهمين، وترديدهم البيعات وحيدين في دارهم لأمراء التنظيم، دون أن تتصل هذه البيعة وهي فكرة تلاها ثلاثة بأي من المشتركين في التنظيم أو المنظمين فيه، أو بمن يدعون للانضمام إليه، وهؤلاء الأخيرون بشتى فئاتهم هم من خلا منهم ومن ذكرهم ملف الدعوى بتحرياته الأولية، والمستتبعة، بل وكل التحقيقات، كما لم يتفوه أي متهم بقول أو إشارة عنهم.

وأضافت المحكمة: «متابعة مواقع وقنوات التنظيم المحظور، وتلاوة أناشيده، وترديد شعاراته هي - في مقام الإدانة وطور إنزال العقاب - مما لا تُعد اشتراكاً في التنظيم من متخذ هذا السلوك، ولئن استحق هذا الفرد من المجتمع اللوم والتأنيب والتسفيه، وهو الأمر الذي يجري حُكمه قياساً على التشبه بالتنظيم هيئة ولباساً طالما انتفى الدليل في الأوراق على وقوع الانتساب حقيقة على النحو سالف البيان، لاسيما أن المشرِّع الكويتي، وعلى خلاف بعض التشريعات المقارنة، لم يجرِّم الاتصال غير المشروع بالتنظيمات المناهضة - بفرض حصوله في هذه الوقائع».

وذكرت المحكمة أنها بتتبعها لأقوال المتهمين، فإنها لم تر فيها، رغم قسوتها، سوى محض خلجات وفكرة جريمة حبيسة في العالم الداخلي لنفوسهم لم تبرز إلى العالم الخارجي بعد، ولم يرق إبانها تصميمهم لأن يعد جريمة يعاقب عليها القانون، لاسيما أنه لم يثبت بالأوراق أي سعي أو دأب منهم إلى حيازة أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أي مواد مجرَّمة، بل أثبت بالتحقيقات عدولهم عن الفكرة التي اتفقوا عليها - ولم يطبقوا أي دربة عليها - قبل إلقاء القبض عليهم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيل وصف التجريم في هذا الخصوص، الذي اشترط المشرِّع فيه اتخاذ العدة على وجه لا يتوقع معه أن يعدل المتفقون عما اتفقوا عليه، وهو الأمر المنتفي بالأوراق، لا سيما بعد أن شهد مجري التحريات، وكرر مراراً، عدم دلالة تحرياته إلى قيام المتهمين بأي نشاط من شأنه أن يؤدي إلى بدء التنفيذ.

النوايا المجرَّدة

وقالت إنه إلى هذا الحد، فإن العقاب يمتنع أساساً، لأن الجريمة لا تقوم بالنية وحدها، باعتبار أن أوامر القانون ونواهيه لا تنتهك بالنوايا المجرَّدة، بل تنتهك بالأفعال التي تصدر عن إرادة آثمة، وهو ما لا يحول دون أن يبقى ما أتاه المتهمون في هذا الصدد خطيئة أخلاقية تستأهل التأنيب ولوم الضمير، إلا أن ذلك يكون كما تقدَّم دون تدخل من القانون الجنائي.

وأكدت أنه لا يُعقل - في السياسة التشريعية الجنائية الحصيفة - أن يأمر المشرِّع المجرم بالإبلاغ عن جريمته أو أن يبلغ عن مشروع جريمته، وقد أعطاه القانون حق العدول الطوعي بالمادتين 45 54 من القانون سالف الذكر، حثاً وإغراء له للتوقف عن المُضي في العمل الإجرامي، لتفادي القلق والاضطراب الذي يُحدثه في المجتمع إذا أتم جريمته، فغاية القانون من ذلك تشجيع الفاعل على التراجع، لأن الذي يهمه ليس فرض العقاب، بل عدم ارتكاب الجرائم.

وذكرت أن مصلحة الجماعة تتوافر في إغماض عينها عن الأعمال التي ارتكبت ولم تتم بها الجريمة، لتفادي الضرر الذي يقع بتمامها، فالمنع أجدى من العقاب، كما أن من شأن التجريم في هذا الصدد أن يُعاقب الفرد على مجرَّد علمه بوجود فكرة «مشروع جريمة» لدى أحد ما، وهو الأمر المخالف للقواعد المتقدمة التي سنَّها التشريع والفقه الجنائي، بعدم العقاب في هذه المرحلة، لا سيما أن الأصل في تفسير القوانين الجزائية أنه يجب التحرز فيها، والتزام جانب الدقة في ذلك، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.

وفي عاقبة هذه الأسباب أشارت المحكمة إلى أنه لا ينال من قضائها أو يقدح فيه ما سيق من أقوال أو إقرارات بالمحاضر والتحقيقات نعتها مجري التحريات أول الأمر، ووصفتها النيابة العامة في منتهاه بأنها اعترافات للمتهمين مهما كانت حرة صريحة، ذلك أن حجية الاعتراف مرهونة بمدى مطابقته للحقيقة، فإن خالفها ولم يطابق الواقع في الدعوى، فإنه لا يصح تأثيم الإنسان به، ولو بناءً على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً لحقيقة الواقع. لذلك، ولما تقدَّم، فإن المحكمة تقضي ببراءة المتهمين جميعاً مما أُسند إليهم من اتهام، دون داعٍ أو حاجة إلى بحث باقي أوجه دفاعهم ودفوعهم.

شكرا لمتابعينا قراءة خبر أخبار الكويت | قصور تشريعي في تجريم الانضمام لـ «الجماعات الإرهابية» | عيون الجزيرة الكويت في عيون الجزيرة ونحيطكم علما بان محتوي هذا الخبر تم كتابته بواسطة محرري الجريدة الكويتية ولا يعبر اطلاقا عن وجهة نظر عيون الجزيرة وانما تم نقله بالكامل كما هو، ويمكنك قراءة الخبر من المصدر الاساسي له من الرابط التالي الجريدة الكويتية مع اطيب التحيات.

*** تنويه هام ***
موقع عيون الجزيرة لا يمت بأي صلة لشبكة الجزيرة الاخبارية او قنوات الجزيرة القطرية فنحن موقع اخباري خليجي متعدد المصادر

أخبار متعلقة :